بقلم روز امين
الطفولي
ربت ياسين علي ظهر شقيقه وتحدث بنبرة حنون
يلا يا عمرشيل بنتك علشان نروح
أومأ لشقيقه وقام بتجفيف دموعه ثم حمل صغيرته واتجه بها إلي منزل ثريا تحت سعادة الجميع وتأثرهم بذاك المشهد الذي إنتظره جميعهم وتأملوه منذ ظهور تلك البريئة بحياتهم
باليوم التالي
أشرفت ثريا علي صنع مائدة طعام عشاء ضخمة أقامتها للعائلة إحتفالا بتلك المناسبة السعيدةحضر الجميع وتناولوا عشائهم وسط أجواء مبهجة وخصوصا عمر الذي ضل حاملا صغيرته طيلة الوقت بعدما غمرها بكثيرا من الألعاب والهدايا التي أسعدتها وجعلتها تشعر بأهميتها القصوي لدي أحدهم
جلس كلا بجوار حبيبته وباتوا يتبادلون الأحاديث فيما بينهمتحدثت مليكة بارتياح ظهر فوق ملامحها
إنتوا مش متخيلين أنا قد إيه فرحانة علشان عمر أخيرا حس ببنته وأخدها في حضنه
واسترسلت بعيناي متأثرة
عقبت چيچي بمصادقة علي حديثها
أنا كمان أخدت بالي من البنت يا مليكةعلي قد ما هي صغيرة بس ماشاء الله تحسيها ذكية جدا ولماحة
ليزا وارثة ذكاء العقربة أمها جملة نطقها ياسين وبعدها إرتشف مشروبههتفت مليكة باعتراض
عقب بايضاح
هو أنا قولت عليها حاجة غلط يا مليكةالشيطانة أمها كانت ذكية جدا وده مش غلطالغلط إنها استثمرت ذكائها الخارق ده في الشړ وأذية الغير
أردف طارق بنبرة حادة لملامح وجه غاضبة
وأهي أخدت نصيبها وغارت في ستين داهية تاخدها هي واللي وراها
واسترسل بعيناي متمنية
عقب ياسين بنبرة تفاؤلية
هيحصل يا طارقبس الحكاية محتاجة شوية وقت
تنهدت چيچي وتحدثت بهدوء
عمر حد كويس قويومحتاج واحدة تفهمة وتعوضه هو وبنته عن كل اللي شافوه في التجربة القاسېة دي
حاوط ياسين كتف مليكة بذراعه وسألها
نامت مع عمتها يسرا ودخلتها علي سرير ماما هكذا أجابته فهمس بجانب أذنها بتمني
يا سلام بقي لو عمتي توجب معايا وتخليها نايمة عندها النهاردة
ضحكة رقيقة أطلقتها مليكة قبل أن تستمع إلي صوت تلك التي تقف أمام الباب وهي تتحدث إلي والدها
يلا يا بابي علشان نروحالوقت إتأخر وأنا حابة أتناقش معاك في الكتاب اللي أخدته من مكتبتك قبل ما أنام
متشكرة يا بابي
بحدة إلتفتت بجسدها لتعاود إلي منزلها تحت تألم الجميع لأجل ما وصلت إليههتف ياسين بتراجع عن موقفه بعدما رأي تعمق حزنها الظاهر بعيناها
إستني يا أيسل
توقفت بمكانها دون أن تلتف إليهمفي حين نظرت عليه مليكة وسألته متعجبة
إنت هتبات هناك النهاردة كمان!
عقب علي سؤالها بعيناي أسفة
معلش يا حبيبيهروح أقعد معاها ساعتين بالكتيرعلي ما تطمني علي الولاد وتطلعي تغيري هدومك هكون رجعت
أومأت بتفهم وتحرك هو بعدما قبل جبهتها وتحدث إلي ذاك الثنائي
چيچيطروقتصبحوا علي خير
وإنت من أهله يا حبيبي نطقها طارق وهو يلوح له بكف يدهثم نظر إلي مليكة وتحدث بمؤازرة
معلش يا مليكةالبنت لسة متأثرة بمۏت أمها ولازم كلنا نتحمل إسلوبها لحد ما ترجع لطبيعتها
بنبرة هادئة عقبت
عادي يا طارقأنا إتعودت خلاص
هبت واقفة ثم استرسلت تحت نظرات چيچي المتأثرة لأجلها
تصبحوا علي خير
نطقتها وانسحبت للخارج فتحدثت چيچي إلي زوجها
بصراحة يا طروق بنت أخوك زودتها قويومليكة كل ده ساكتة وما بتتكلمشلكن لما هيفيض بيها ھتنفجر في ياسين وساعتها محدش هيقدر يوقفها
أشار بكف يده وتحدث معترضا علي حديثها
إنسيمليكة
بتحب ياسين ومقدرة اللي هو فيه وقابلة بيه في كل حالاتهده غير إنها بنت أصول واتربت علي إنها تصون جوزها وتتحمل ظروفه
ممكن قالتها باقتناع فتحدث هو متفاخرا بشقيقه
الباشا بتاعنا مسيطر
ضحكت وتحدثت بدلال
بصراحة بقي كل رجالة المغربي ليهم
قدرة عجيبة علي السيطرةده غير الهيبة اللي فارضة نفسها
أمال يا بنتيإحنا بنلعب ولا إيه قالها بغمزة من إحدي عيناه فضحكت له وأكملا سهرتهما
صعدت مليكة إلي الأعلي وانتظرت ياسين الذي جلس بجناحه بصحبة أيسل وحمزة الذي إنضم إليهما وبدأ ثلاثتهم بالنقاش وفتح الاحاديث الشيقة بينهمشعرت أيسل بالنعاس وغفت فوق التخت دون تعمدفاضطر ياسين المبيت معها وهاتف مليكة وأبلغها تحت إستيائها
داخل جناح عز المغربي
دخلت إليه منال وجدته يمسك بكتيب يقرأ به بتمعن قبل أن يغفوتحركت إليه وجلست علي طرف الفراش وتحدثت بنبرة هادئة
أنا جاية أتأسف لك علي كل حاجة حصلت وضايقتك مني في يوم يا عزوأتمني تقبل أسفي
واسترسلت بتمني وعيناي متأملة
وجاية أسألك لو لسة ليا عندك رصيد يسمح لنا بإننا نسكن تاني في نفس الجناح ونرجع مع بعض زي الأول
عقب علي حديثها بنبرة أسفة
بس إحنا عمرنا ما كنا مع بعض يا منالإلا إذا كنتي تقصدي نومنا علي نفس السرير
ثم تنهد وأردف شارحا
فيه حاجات كتيرة إنكسرت جوانا وصعب ترجع تاني زي الأول
واسترسل بإبانة مذكرا إياها بماضيه المؤلم معها
أنا اتحملت في علاقتنا اللي رجالة كتير ما يقدروش يتحملوهتغاضيت عن عجرفتك معايا ومع عيلتي طول السنين اللي فاتت علشان البيت يستمر وولادي ما يتأثروش لو إنفصلنا
واستطرد وهو يهز رأسه بأسي
بس للأسف يا منالإنت فسرتي تضحياتي علي إنها ضعف منياتحاميتي في عيالك الرجالة واعتبرتيهم سدك المنيع ونسيتي إني راجل حر وليا أخر
أخذ نفسا عميقا كي يستطيع إستكمال حديثه ثم استرسل موضحا
خلينا مكملين زي ما أحنا يا منالأدينا بنتعامل مع بعض باحترام ولامين ولادنا وأحفادنا حوالينا والبيت مفتوح
كانت تستمع إليه پتألم وكأنها تسترجع شريط حياتها معه الذي مر بمخيلتهاإكتشفت كم كانت حمقاء وخسړت قلبا من ذهب كقلب ذاك الفارس الذي لا يعوضتذكرت كم الفرص التي أضاعتها علي حالها لإمتلاك قلبه النقي
شعرت بالأسي وتسائلت بعيناي مترجية
يعني خلاص يا عزأنا كدة خسرتك للأبد
تنهد بأسي وعقب علي حديثها بنبرة إنهزامية
إحنا الإتنين خسرنا
يا منالخسرنا عمرنا اللي ضيعناه مع شريك مش شبهنا
واسترسل وهو يهز رأسه باستسلام
أنا وإنت مخرجناش من علاقتنا غير بالهزيمة وخيبة الأمل
واستطرد بتعقل
خلينا ننهيها باحترام بدل ما نكمل ومع الوقت نخسر حتي إحترامنا لنفسنا
أومأت له وبصوت خاڤت مټألم تحدثت
عندك حق يا عز
واسترسلت بعيناي شاكرة
أنا متشكرة يا عزمتشكرة علي إنك إتحملتني كل السنين دي من غير ما تكل ولا تملمتشكرة علي كل حاجةوأوعدك إني مش هزعجك بعد النهاردة
تصبح علي خير يا عز نطقتها ثم تحركت إلي الخارج وهي تجر أذيال خيبتها حصادا لزرعتها التي ذبلت جراء إهمالها وعدم رعايتها لها طيلة سنوات
تنهد بأسي للحال الذي وصل إليه كلاهما ولكن هذا أفضل للطرفينفقد تحمل الكثير وضغط علي حاله سنوات وسنوات دون نتيجةوبالأخير قرر النأي بحاله عن تلك العلاقة التي إستنذفت قواه سائلا الله العوض والإثابة عن كل ما مر به من ألام وۏجع تسبب بشرخ روحه التي ما عادت كما السابق
صباح اليوم التالي
داخل غرفة أنيقة ومرتبة بما يوحي إلى رتابة مالكها
كان يقف أمام مرأته
أمسك بفرشاته الخاصة وقام بتصفيف شعر رأسه جيدا تحت إحداثه صفيرا من فمه يوحي إلي رواق مزاجه وصفائهإلتقط قنينة عطره المميز وبات ينثر علي ذقنه وصدره برتابةأعاد القنينة بمكانها وبات يتطلع علي حاله باستحسانإتجه إلي تخته وألتقط حلة بدلته الموضوعة علي طرف الفراش وتحرك إلي خارج غرفته بخطي واثقة
ببهو المنزليترأس طاولة الفطار رجلا يبدو أنه بالعقد السادس من عمرهكسي اللون الأبيض شعر رأسه مما جعل منه وقورايرتدي نظارة طبية وممسكا بجريدته الورقية ويبدوا أنه يتصفحها بتمعن
بجانبه تقف سيدة بالعقد الخامس من عمرها يبدو عليها الرشاقة والجمال الذي وبرغم مرور السنوات مازالت تحتفظ بهأمسكت بيدها الوعاء الخاص بحفظ مشروب الشاي الساخن وبدأت بسكب بعضا منه داخل الكأس الموضوع فوق طاولة الطعام المعدة برتابة تشير إلي نظام تلك السيدة
نظر لها زوجها وتحدث شاكرا بنبرة ودودة
تسلم إيدك يا بثينة
بالهنا والشفا يا دكتور هكذا أجابته برقي
تحرك إليهما وتحدث بنبرة حماسية وهو يسحب مقعده المعتاد المجاور لوالده ويقوم بتعليق حلته بالخلفية ثم جلس
صباح الخير
رد والده التحية من خلف جريدته وعقبت والدته
صباح النور يا حبيبيأصب لك شاي
وافقها قائلا بإحترام
لو سمحتي يا حبيبتي
سكبت له المشروب وجلست بجوار زوجها لتتناول طعامها بهدوءتحدثت إليه بتذمر
نزل الجورنال من علي عنيك وإفطر زي الناس يا جمال
إبتسم كارم وتحدث مشاكسا والده
أموت وأعرف إنت بتجيب الجرايد دي منين يا دكتور
واستطرد باستغراب
وبعدين هو حد بقي يقري ورقيدي إنقرضت
دي ثوابت في حياتي زيها زي قهوة العصاري كدة
يا حضرة الرائد نطقها الأستاذ الجامعي باعتزاز لعاداتهواسترسل بمداعبة نجله الغالي
واحساس راقي لا يفهمه جيل الإنترنت فاقدي الحس أمثالك
وبأسي استطرد بإبانة
من يوم ما بلتونا بالتطور التكنولوجي وإنتوا ضيعتوا حلاوة كل حاجة في حياتنا وحولتوها لمجرد صورة توثق الحالة
ضحك كارم وتحدث بمراوغة
هدي أعصابك يا دكتوروبعدين هو حضرتك بتلوم عليا أنا ليهده أنا فاتح صفحة فيس بوك بالعافية
واستطرد بمشاكسة
كلامك ده توجهه للأخ مارك وامثاله من الفاشلين مخترعي التكنولوجيا
إبتسم والده وقام بطي الجريدة ثم وضعها جانبا وأمسك كأس المشروب وأرتشف منه القليل وبدأ بتناول طعامهنظر إلي نجله وسأله
أخبار المهمة الجديدة إيه
كله تمام يا دكتور نطقها بغموض وهو يلتقط إحدي حبات الزيتون ويتناولهاهتفت والدته بنبرة حادة
مهمة إيه اللي بتسأله عنها يا دكتور
واستطردت بعيناي غاضبة أظهرت كم إستيائها
هو أحنا كنا بنربيه وندخله الكلية الحړبية ونطلعه ظابط قد الدنيا علشان في الأخر يروح يحرس حتة عيلة في الكلية!
هز كارم رأسه وابتسم باستسلام لحديث والدته الذي بات يحفظه بفضل كثرة عدد المرات التي إستمع له منذ أن أخبرها ووالده عن إستلامه لتلك المهمة
أردف جمال بنبرة مستنكرة وهو يتحدث إلي زوجته
يا بثينة يا حبيبتي دي مهمة رسمية واللي إختاره ليها رئيس الجهاز بنفسهيعني معني كدة إنه واثق في إبنك وده ليه معني كبير قوي
قول لها يا دكتور علشان الأستاذة مربية الأجيال مش عاوزة تقتنع قال كلماته وهب واقفا ثم أمسك كأسا من المياة وأرتشفه دفعة واحدةفتحدثت والدته مديرة المدرسة
يا ابني إقعد كمل فطارك زي البني أدمين
أردف علي عجالة وهو يلتقط حلة بدلته ويرتديها
هتأخر يا ماما
عقبت بقلب الأم
يعني هتسوق كل الطريق ده وإنت جعان
أجابها وهو يضع