نبض قلبي لأجلك
فى الأمر
أيه رأيك نتعشى سوا الليلة
وفجأة فتح الباب ودلف صلاح فى عجلة من أمره ولكنه توقف أمام ذلك المشهد عمرو واقفا فى توتروإلهام ولكنها كانت فرصة سانحة وجدها عمرو للهروب بدون عواقب كما كان يفكر قبل دخول صلاح عليهما تنحنح وهو يتحرك فى اتجاه صلاح ووقف بجواره قائلا
طب استأذن انا علشان عندى شغل كتير
فوجئ بوجود عمرو فى مكتبه ينتظره ألقى عليه نظرة عتاب كبيرة وهو يجلس خلف مكتبه ويتابع عمله بصمت وقف عمرو مدافعاعن نفسه وقال
رفع صلاح عينيه إليه قائلا
معملتش اه .. لكن سكت .. و اللى يسكت على الغلط يبقى مشارك فيه ومينفعش بعد كده انه يلوم اللى هيطمع فيه بعد كده نتيجة سكوته وزى ما بيقولوا السكوت علامة الرضا
قال عمرو بانفعال وهو يجلس
أنا مكنتش ساكت.. أنا كنت بدور على طريقة مناسبة أهرب بيها من الموقف
خرج عمرو من مكتب صلاح يضيق بنفسه ذرعا ولا يعلم لماذا يتهاون إلى هذا الحد هل كما قال صلاح فعلا هو ېخاف على مست وعمله أكثر من خوفه من أى شىء آخر نفض الفكرة عن رأسه مستنكرا لها ولكنه لم يستطع أن ينفض تلك المشاعر التى عاشها والتى أستقيظت بداخله منذ لحظات فى مكتب إلهام فمازال يشتم عطرها النفاذ ومازال يشعر بلمستها لم يستطع أن يغالب هذا الشعور الذى يجتاحه فخرج فورا من الشركة عائدا لمنزله تصارعه مشاعر شتى وبدلا من أن يدخل منزله وجد نفسه يتوجه إلى بيت خطيبته قاصدا أياها سيلهى بعض من مشاعره بطلب تحديد موعد لعقد القران ولتذهب الخطبة إلى الچحيم.
.
أجتمعت بعض النساء فى الداخل ينشدون لعزة الأناشيد بقيادة عبير التى كانت قد تحسنت كثيرا بفضل تمارين بلال المكثفة ! كما كان يقول ويبدو أن ضميره هذا قد انعكس على حالتها النفسية كثيرا فلقد كانت تبدو كما لو كانت هى العروس وكأنها فى العشرين من ربيعها وهى تغرد بأناشيدها المحببة وټضرب بالدف فى سعادة وقوة وتتنقل بين النساء كالفراشة التى تتنقل بين الزهور فى بستان المودة والرحمة التى نهلت منه
بدا عليه الضيق الشديد فرفعت نقابها ونظرت إليه بقلق وقالت متسألة
مالك يا حبيبى
نظر إليها بضيق وقطب جبينه وقال منفعلا
مش عارفة فى أيه .. أنت فاكرة نفسك بتنشدى فى الصحرا لوحدك ..صوتك واصل بره عندنا يا هانم
أصفر وجهها وشحب واتسعت عيناها وهى تضع يديها على وجهها ثم قالت بأحراج
والله ما كنت واخده
بإلى ..
ثم نظرت له معتذرة وقالت
أنا آسفه يا حبيبى.. بالله عليك متزعلش مني
هدأ قليلا وهو عاقدا يه خلف ظهره وقال معاتبا
أبقى خدى بالك بعد كده ..
ثم مد يده ومسح وجنتها بظهر أنامله وقال بحب
ما انت عارفه انا بغير عليكى ازاى يا حبيبتى.. صوتك محبش راجل غيرى يسمعه
عقدت
يها أمام ها وقالت مداعبة له
ده انت أرهابى بقى
.ثم قال
لو ده الأرهاب فأنا أرهابى أصيل...
ثم قال مردفا
ولابس حزام ناسف كمان
أبتسمت فى سكون فقال
أخبار رجلك ايه
نظرت له بدهشة وقالت
كويسة الحمد لله بتسأل ليه
مط شفتيه وقال
انا بقول نعمل الفرح بقى علشان نكمل التمارين فى بيتنا براحتنا.. الواحد يا شيخة مش حاسس انه بيشتغل بضمير فى العلاج
كل ده وضميرك لسه مستريحش
أبتسم وهو يرمقها بنظراته المتفحصة
كل ده أيه .. ده انا حاسس انى مقصر.. يرضيكى يعنى ضميرى يعذبنى
قالت وهى تعيد النقاب على وجهها مرة أخرى
مقصر ..لاء خاليك مقصر الله يخليك
وعادت إلى النساء مرة أخرى أكثر أشراقا وجاذبية فهكذا هى الزهرة كلما لاقت حبا واهتماما وعناية كلما زادت إشراقا وتألقا وتفتحا وعبيرا تفيض على من حولها بشذاها.
أنتهى حفل عقد القران واستأذن بلال والد عبير أن يخرجا سويا وخرج معها من منزلها أصابعهما متشابكة كما كان يحلم دائما وهى تقول
بلال أنا مكسوفة امشى فى شارعنا
نظر إليها بضيق وقال متبرما
أيه يا عزة أنا جوزك دلوقتى
تلعثمت وهى تقول بخجل
يا عمرو دى أول مرة نقعد فيها مع بعض بعد كتب الكتاب .. أرجوك تراعى الحكاية دى
أسند مرفقيه على مائدة الطعام أمامه وقال معتذرا
حاضر هراعى.. بس انت كمان راعى انى بحبك وانى شاب زى كل الشباب وطول عمرى بشوف بنات وشباب ورغم كده عمرى ما عملت زيهم عارفه ليه ..
وقبل أن تجيب قال
علشان بحبك وعمرى ما حبيت أنى ارتبط بواحدة غيرك.. لا فى حلال ولا فى حرام مينفعش بقى تيجى بعد كل ده وتقوليلى مينفعش يا عمرو
كادت عزة أن تبكى وهى تشعر بضغطه عليها ولكنها لن ترضخ له فى أى حال من الأحوال فالعقد له حدودا يجب أن لا يتخطاها أبدا
سار بلال بجوار عبير بمحاذاة كورنيش النيل نظر لها ليرى بعض علامات الضيق والأضطراب ظاهرة بوضوح فى عينيها فقال
مالك يا حبيبتى ايه اللى مضايقك
مش شايف المناظر يا بلال.. هى البنات دى مش مكسوفة وهى واقفة بالشكل ده.. طب مش خايفين من أهاليهم.
هز رأسه باسى وكأن حديثها آثار شجونه وقال
يعنى انت من مرة واحدة وقلتى كده واضايقتى من المناظر.. أومال انا أعمل ايه اللى على مدار حياتى شفت اضعاف اضعاف المناظر دى.. ده غير الأشكال اللى كنت بقابلها فى شغلى أيام ما كنت بشتغل فى مركز كبير بعد تخرجى .. وكان بيورد علينا رجالة وستات
قالت عبير ب
وكنت بتقدر تستحمل كده ده ازاى
قال بشجن
علشان ربنا يا عبير .. كنت بصبر وبصوم كتير وبخرج طاقتى فى شغلى والدعوة والرياضة والحمد لله ربنا عصمنى
ثم نظر
لها وقال بحب
مش كده وبس ..ده كمان كافأنى ورزقنى بزوجة صالحة زيك
ابتسمت رغم الشجن الذى لمسته من كلماته وحاولت تخفيف
ما استعاده من ذكريات قد تضيق بها نفسه وقالت بمرح
بس أيه يا عم الكاجوال الخطېر ده .. الناس يقولوا أيه.. شيخ ولابس كاجوال
نظر إلى ملابسه وقال بزهو مصطنع
لا وكله كوم
والتيشرت الفظيع ده كوم لوحده
ضحك كلاهما وهما يسيران عكس اتجاه الطريق ليعودا أدراجهما إلى منازلهما وتركوا خلفهما شباب متسكعة وبنات متخبطة فى شهوات الدنيا وملذات الحياة متسلقين زورقا للحب يتخبط بهم فى بحار عالية الأمواج بعيدة القاع ذات اليمين وذات الشمال فهل يأمل لهم النجاة وقد بعد المرسى .
أستطاعت دنيا أن تتكيف على
عالمها الجديد فلا تدخل ولا تخرج إلا بصحبة والدتهاالتى أشرفت بنفسها على شراء ملابسها الجديدة فاختارت لها كل ماهو محتشم تغيرت طريقة ملابس دنيا بالكامل مما جعل فارس يشعر أنهما على بداية الطريق الصحيح وأنها من الممكن أن تتغير فعلا وأنه أحسن الأختيار ولكنه لم يكن يعرف أنها كانت تجاريهم فقط لتمر الأزمة على خير حتى أنهى فارس اختبارات الماجيستير وتم تحديد يوم حفل عقد القران .
حضر عقد القران عمرو وبلال وعبير وعزة ورغم المحاولات الكثيرة التى قام بها فارس لأصطحاب مهرة معهم ولكنها بكت و رفضت بشدة بل وتصنعت المړض لكى لا تذهب معهم.
بعد العقد مباشرة أصرت عزة على المغادرة هى وعبير عزه وعبير فلقد كانت دنيا تتعامل معهما ببرود وبابتسامة خاوية من أى ترحيب مما جعلهن يشعرن بالوحدة فى بيتها وطلبا المغادرة بعد تهنئتها بالزواج بصحبة والدة فارس غادر الجميع وتركت والدة
دنيا لفارس المجال أن يجلس مع دنيا قليلا
على انفراد بعد أن أصبحت زوجته كانت متوترة وعيناها تفصح عن شىء ما مجهول ولكنها صامتة عندما حاول بثها شوقه لم تتجاوب معه وتعاملت معه ببرود ثم اعتذرت وكأن الأمر خارج عن سيطرتها حاول أن يعرف ما بها ولكنها لم تجب بشىء واضح غادرهو الآخر
ومرت الشهور تلو الشهور وسنة يعقبها سنة تتسابق تتلاحق وكأنها فأر يقرض فى عمر الزمن فى سرعة وخفة لم يلتفت لها فارس وهو منهمك فى تحضير الدكتوراة التى نفذت معه طاقته ولقد كان هو أكثر من مرحب وهو يشعر بتباعد دنيا عنه يوما بعد يوم
ورزقت عبير من بلال بأربع توائم دفعة واحدة وكأن الله سبحانه وتعالى قد صرف لها الأقدار ومنحها دفعة واحدة جوائزه وعطاياه كما لو كانت تزوجت منذ سنوات كثيرة وليس أقل من ثلاث سنوات .
وحاول عمرو إقناع والد عزة بأن يتم الزواج فى شقة والده ولكن والدها رفض نظرا لأن لديه أخ أصغرمنه وهو محمود والذى ألتحق بالجامعة هو ويحيى صديقه فكيف ستعيش عزة مع محمود فى منزل واحد! باءت المحاولة بالفشل وبدأ عمرو فى البحث عن شقة إيجار فى مكان قريب منهم.
وخاضت مهرة فى مرحلة جديدة وهى مرحلة الثانوية العامة ورحلة بحثها عن ذاتها التى لم تنقطع طوال الفترة السابقة ولكنها ظلت البنت العنيدة التى لا تستسلم بسهولة ولا تصمت على شىء تراه خطأ من وجهة نظرها وكانت تحاكى أفعال فارس فى كل شىء بل وتتحدث مثله وتستمع إليه وتدون النقاط المهمة فى حديثه تحفظها عن ظهر قلب حتى أن الجميع كان يلقبها بالفارس الصغير! كانت أنوثتها قد لاحت فى الأفاق بقوة وطالت قامتها فجأة وأصبحت تضاهى أقرانها بجمال بري مشاكس ملفت للأنظار ولكن فارس لم يراها يوما إلا طفلته الصغيرة العنيدة