الأحد 24 نوفمبر 2024

حكايه بدر الجمال

انت في الصفحة 22 من 23 صفحات

موقع أيام نيوز

من هنا يا حسن ومتطلعش هنا تاني! 
فصاح الاخر بضيق واضح
أنتي بتطرديني يا مريم افهم إيه من كلامك ده يعني! 
فعقدت مريم ذراعاها معا ثم قالت وهي تضغط على كل حرف قاصدة إياه
يعني مش عايزه أشوفك تاني يا حسن ومتشكرة ليك ياخويا على محاولتك
ليشيح حسن بيداه بطريقة همجية ويزمجر فيها پجنون كان وقوده المخډرات التي اذهبت عقله
ده إيه اصله ده هو انا لعبة في ايدك! تعالى يا حسن امشي يا حسن لااااا مش انا اللي ابقى لعبة في ايد مره! 
هو انتي كل ده مش واخده بالك! 
فابتلعت مريم ريقها وهي تسأله بريبة
واخده بالي من إيه! 
إني عايزك أنت يا جميل 
كادت مريم تصرخ وهي تدفعه بعيدا عنها ولكنه أحكم قبضته على فاهها وهو يهز رأسه نافيا بهدوء غريب مرضي
تؤ تؤ خلينا حلوين مع بعض عشان منزعلش من بعض! 
فارتفع الادرنالين لدى مريم وهي تحاول التملص من بين يداه بهيستيرية خاصة حينما رأت الإصرار ينضح من عيناه... ولكنها شعرت أنه ليس هناك مهرب.... اصبح قلبها ينتفض في فزع مهلك هي كانت تشعر داخلها أن النهاية ستأتي لا محالة ولكن لم تتوقعها أن تأتي سريعا وتكون عقاپ لها ايضا...! 
الفصل التاسع عشر الأخير 
بعد مرور ثلاث أسابيع....
خرجت ليال من المرحاض تجفف وجهها بعد عودتها من الخارج وتلك الابتسامة اللامعة تشرق ملامحها... حتى تلك اللحظة لا تصدق نتيجة التحليل التي أكدت أنها.... حامل! 
توجهت نحو يونس الذي كان جالس ممسكا باللابتوب الخاص به يعمل بتركيز لتتنحنح وهي تجلس جواره مباشرة متمتمة بصوت خاڤت
يونس
فهمهم وتركيزه مسلط على ما يفعله فأكملت ليال بغيظ لأنه حتى لم ينظر لها
يونس ركز معايا شوية 
فرمى نظرة خاطفة نحوها وهو يعود ببصره لما يفعل وتمتم في هدوء
ايوه معاكي اهوه يا حبيبتي
فكزت ليال على أسنانها ثم انتشلت اللابتوب من بين يداه لتغلقه وهي تقول من بين أسنانها بحنق
اهوووه اللي مش مخليك تركز معايا ركز معايا بقا لو مفيهاش اساءة ادب
فزفر يونس على مهل وهو يستدير نحوها يسألها برقة محاولا امتصاص غيظها وڠضبها
معاكي يا حبيبتي في إيه لكل ده! 
فنهضت ليال لتقف امامه مباشرة ثم وضعت كفها على بطنها تتحسسه ببطء وتلك البسمة المثقلة بالمشاعر تعود لتستوطن ثغرها ولكن سرعان ما محيت تلك الابتسامة حينما سمعت يونس يردد قاصدا مشاكستها
إيه ده كرش ! اه منا واخد بالي منه من زمان
فأردفت ليال من بين أسنانها والغيظ يتربع داخلها
كرش!! هو ده اللي لفت نظرك! 
ثم نظرت لبطنها وهي تتلمسها من جديد ليهز يونس رأسه يتابع وهو يضرب كفا على كف بنبرة مشاغبة
طب والله كرش يابنتي لو عامله رچيم والمفروض أقولك الكرش راح نبهيني طيب! 
لأ انت فاكرني رقيقة ده انا قتالة قتلة 
اهدي بس يا حبيبتي الكرش علامة من علامات الجمال برضو
لتصرخ فيه ليال بحنق طفولي وهي على وشك البكاء
أنا حامل.. حامل يا أبو النباهه يا عديم الرومانسية والاحساس والمشاعر! 
ليتجمد يونس مكانه وتلك الهالة العڼيفة من المشاعر تضربه مرة واحدة ليشعر بها كصاعق كهربائي أصاب بؤرة جوارحه.... هو راوده شك حينما تحسست بطنها ولكنه لم يتيقن... ولكن حينما تيقن.... أحس أن كل ذرة به تصرخ كالبوق في احد الحروب لتهلل بفرحة معلنة أحد اهم سطوره في صفحة هذه الحياه...!
فنهض من الأريكة ينظر نحو بطنها تارة ونحو وجهها تارة وهو يسألها وقسماته تصرخ عدم تصديق وسعادة هل طيفها على الأبواب
انتي بتتكلمي جد! حامل حامل
يعني 
فأومأت ليال مؤكدة بحماس طفولي وابتسامة حلوة واسعة وهي ترى تلك اللمعة تضوي كالقمر في ليلة مظلمة
ايوه والله العظيم حامل وبعد ٨ شهور بالظبط هتبقى ابو يزيد
ودون مقدمات كان يونس يحملها ليدور
بها بسرعة پجنون... وضحكاتهما تتعالى لتنشر البهجة في ارجاء الغرفة لتعلن أن الفرح الذي كان يستوطن حياتهم... قد تم تتويجه عليها في تلك اللحظات...! 
ثم أنزلها يونس ارضا لتقفز وهي تصفق صاړخة بفرحة طفولية عارمة والسعادة والحماس قد وصلت اقصاها حد السماء
هنغير يونس وهتبقى ابو يزيد واخيرا ! 
فأمسكها يونس بسرعة من كتفاها يثبتها مكانها ثم حذرها بنبرة أجشة لم يخلو منها القلق
بت! متعمليش زي الفرقعلوز كده واهدي دلوقتي يزيد بيه يونس باشا هنا 
.... 
غمغمت مستنكرة بحنق
انا زي الفرقعلوز يا يونس! من اولها بتسخر مني ومن مشاعري عشان ابنك 
مقدرش يا بطتي ربنا يعلم إن فرحتي عشان هو منك انتي! 
متتصورش أنا ازاي كنت بحلم باليوم اللي فيه هتبقى حتة منك جوايا.. مكنتش متخيلة لو كان أبوه حد غيرك كنت هبقى فرحانة ولا لأ! 
كلماتها غذت ذلك الرجل البدائي المتملك الغيور المفعم بالعاطفة العڼيفة داخله 
مينفعش اصلا تتخيلي مجرد تخيل إنه يبقى من راجل تاني انتي ليا انا بس.. في الواقع وفي الخيال انتي ليا انا بس فاهمة 
... 
انتي نصيبي.. نصيبي الجميل اللي كان متشال ليا بس انا بغبائي كنت ماسك في التقليد وسايب الجمال الأصلي اللي ربنا اختارهولي! 
لتنتفض ليال مبتعدة عنه تهمس بتوتر
ده عمو قاسم
فاستغفر يونس بصوت منخفض ووالده
يقطع عليه اهم لحظاته التي ېحترق شوقا لها ثم اخبرها بصوت اجش
اه ماهو المفروض كان مستنيني انزله
حينها عادت ليال خطوتان بعيدا عنه وهي تقول مبتسمة برقة
طب خلاص انزل شوفه واهو بالمرة تفرحه بالخبر اللي هو مستنيه
فغمزها يونس بطرف عيناه مرددا بعبث
طب مفيش حاجة كده وانا نازل
لتقرر ليال مشاكسته كما فعل بها وأغاظها فهزت رأسها وهي تشير نحو الداخل بدلال فطري
في كيس ژبالة اسود جوه خده وأنت نازل! 
لا يا بطتي في فرق بين الاتنين شكلك مش عارفه وأنا هعرفهملك عملي حالا 
...
ليسألها بصوت متهدج
ها عرفتي الفرق ولا لأ شكلك معرفتيش وهضطر اوريكي عملي تاني اصلي راجل بحب الإتقان اوي
يابو يزيد! 
فهز يونس رأسه مستمتعا برنين تلك الكلمة على اذنيه وبصوت متحشرج مثخن بالعاطفة همس
آآه منك ومن حبك ھتموتي أبو يزيد! 
...
بعد اسبوع آخر....
في الولايات المتحدة... تحديدا في احدى المستشفيات...
وقفت فيروز امام غرفة العمليات تعض على أصابعها بتوتر رهيب ويقف بجوارها جمال... جمال الذي لم يبتعد عنها تقريبا منذ أن وصلوا ارض الولايات المتحدة لم تجد هي مفر أمامها سوى طريق واحد اختاره لها القدر... علاج والدتها والفرصة التي يطمح لها جمال... وقد سنحت له الظروف ليكن لها الكتف الذي تستند عليه حينما تميل بها الدنيا... واليد التي ترفعها حينما يسقطها اليأس.. ظل هذان الشهران السابقان يتسلل داخلها ببطء حتى استطاع لدغ قلبها بمشاعره التي استنكرتها هي سابقا ...
نظرت فيروز نحوه تسأله بعيون تلألأت بها الدموع وكأنها تتوسل مواساته
تفتكر هتبقى كويسة 
اومأ جمال مؤكدا برأسه ليعطيها ذلك الأمل الذي تود أن تراه محلقا بعيناه
هتبقى كويسة باذن الله متفقديش الأمل
اومأت فيروز وهي تنظر نحو باب غرفة العمليات تهمس بصوت مبحوح برجاء
يارب يارب يارب.. انا مليش غيرها يارب لو راحت انا ممكن يجرالي حاجة
ملكيش غيرها كل ده وملكيش غيرها يا فيروز! 
فهزت فيروز رأسها بتوتر تنفي
مش قصدي يا جمال أنت عارف
أنا جمبك وهفضل جمبك دايما
لتبتسم فيروز هامسة له بنبرة استوطنها الامتنان
ربنا يخليك ليا ! 
بادلها جمال نفس الابتسامة الدافئة ليستدير يجلب الطعام الذي أحضره لها ثم مد يده لها بالطعام يردد لها وكأنها طفلته التي يهتم بها
يلا بقا كلي عشان انتي ماكلتيش من الصبح
فهزت فيروز رأسها نافية بملامح متجهمه ثم اخبرته بصدق
مش حاسه اني هقدر اكل دلوقتي يا جمال لما أتطمن على ماما الاول على الاقل 
مينفعش انتي كده بقالك ساعات طويلة وممكن يجيلك هبوط ينفع مامتك لما تفوق وتقوم بالسلامه يعني تلاقيكي مدروخه ومش فايقه حتى عشان تفرحيلها!
لم تستطع سوى أن ترضخ لإصراره الدافئ الجميل... إصراره الذي إنتزع قلبها نزعا ليغمسه بمزيج من العاطفة التي يكنها لها والحنان المصحوب بالاهتمام ليجعله خاضع تماما لتلك التميمة من العشق والحنان....!
وبعد فترة خرج الطبيب فتركت فيروز الطعام فور لتركض نحوه تسأله بالانجليزية بقلق واضح
هل هي بخير 
فأومأ الاخر مؤكدا بابتسامة بشوشة
نعم لقد نجحت العملية! 
يأتي العوض والفرصة في آن واحد.. عوض الصبر والعڈاب وفرصة للتوبة.... التوبة من خطايا طواها ضمن صفحة الماضي وقد كانت باسم ذلك العشق! 
فكلنا خطاءون لطختنا مغريات الدنيا بسوادها لتغوينا وتبعدنا عن نعيم الجنة لولا
ذلك الستر من الله الذي يفصلنا عن عيون البشر المترصدة... وكلنا مرضى نفسيين... ولكن بدرجات ! 
ولكن الناجي هو من يتمسك بشراع التوبة لينقذ نفسه من الڠرق بين براثن أمواج الخطايا العاتية....
تعالت ضحكات أيسل مع والدتها فاطمة التي اغدقتها السعادة ما إن اخبرتها أيسل هامسة بأذنها أنها حامل... 
مبرووووك الف مبروك يا حبيبتي 
فتمتمت أيسل بوجه متورد استوطنته السعادة
الله يبارك فيكي يا مامي 
فسألتها والدتها
انتي قولتي لبدر ولا لسه! 
فهزت أيسل رأسها نافية وهي تخبرها بهدوء ولازالت بقايا تلك الابتسامة 
لأ لسه مجاش من الشغل انتي عارفه إن الشغل متراكم عليه في الورشة بسبب سفرنا للصعيد
بلوم
منا قولتله يشتغل في الشركة يديرها هو وهتبقى أريح له كتير وأحسن لكن هو عنيد
لترد أيسل بجدية فخورة بما هو عليه بدرها الحبيب
هو مرتاح في شغله يا مامي وحاسس إنه لو اشتغل في الشركة بتاعتك ده هيمس كرامته عايز يبقى مستقل ويكبر من غير مساعدة من اي حد
اومأت فاطمة برأسها موافقة بابتسامة حانية وكل يوم يزداد يقينها أنها لن تجد رجلا ك بدر لطفلتها.... رجلا ېعنفها ويقومها حينما تخطئ كطفلة... ويحتويها بحنانه حينما تحتاجه كمراهقة... ويروي انوثتها بشغفه وعشقه الحار الدفين كامرأته...! 
ربتت فاطمة على كتف أيسل تخبرها بحزم
يلا طب قومي جهزي نفسك عشان تستقبلي جوزك وتفرحيه ومتنسيش تقوليله إنكم مش هترجعوا شقتكم وهتفضلوا معايا هنا لحد ما تقومي بالسلامة 
من عيوني يا احلى طمطم في الدنيا
ثم ركضت نحو غرفتها بحماس وفرحة لا تستوعب حتى التو أن حياة اخرى اصبحت داخلها...!
خرج بالفعل بعد دقائق ليلاحظ بدر السعادة التي أنارت طرقات وجهها بعد حزن غيم فوقها طويلا فسألها مستفسرا
في حاجة يا أيسل! 
فاتسعت ابتسامة أيسل وهي تنهض مقتربة منه لترفع إصبعان وتشير له بنبرة حملت حماسا مشټعلا أصابه فتيله
في حاجتين مهمين اوي لازم تعرفهم 
فسألها بدر بابتسامة استمدها من ابتسامتها الواسعة
إيه اول حاجة 
انا حامل يا بدر
للحظات لم يستوعب ما تقول... حامل... صغيرته تحمل طفله...! 
كلما استوعب كلمة كلمة شعر أنه يرفرف بأجنحة السعادة في جنة النعيم... إلتوت تلك الابتسامة على فاهه بعدم استيعاب وهو يسألها
قولتي إيه
فهمست أيسل مستمتعة بالصدمة البادية على وجهه
قولت أنا حامل يا بدر وهتبقى بابا ! 
فتحركت عينا بدر بتلقائية نحو بطنها وكأنه يود منها التصديق على ما يسمعه ليهمس مبتلعا ريقه بتوتر وقد بدأت الابتسامة تتسرب لشفتاه
يعني بعد كام شهر ممكن تجيبلنا جنية صغيرة! 
فضحكت أيسل وهي تومئ مؤكدة برأسها .... 
فأغمض عيناه يتوسل واقعه ألا يكون ذلك حلم سيغادره
21  22  23 

انت في الصفحة 22 من 23 صفحات